في ضاحية الريحان، مقابل صرح المشفى الاستشاري، وعلى تلة هناك تعلو بنايات الجامعة العربية الامريكية، كصرح آخر من صروح المستقبل الفلسطيني الحر، لا مستقبل الدولة السيدة فحسب، وإنما كذلك وفي المعنى الرشيد، مستقبل العافية الأكاديمية والمعرفية الذي تريد هذه الجامعة زراعة حقوله إلى جانب شقيقاتها من الجامعات الفلسطينية.
والأمر لا يتعلق هنا بحسن هندسة هذا الصرح وأناقته اللافتة، وإنما في الروح الذي تسكن فيه، بجماليات اخلاقياتها الوطنية والانسانية، هنا ترى العزم الفلسطيني على التنور والتطور والبناء الأمثل لمستلزمات المستقبل الفلسطيني الحر يسير على قدمين، بثقة رأيتها تبرق في عيون الذين استقبلوني في هذا الصرح، وكنت ذاهبا لمعاينة طبية هناك تتعلق بأسناني التي ارهقها لوك الزمن الصعب، واحالها الى ما يشبه الاطلال، بعد ان سمعت عن مركز طبي متطور في الجامعة، ومن أقسامه مركز طب الأسنان، من زميلي في الجريدة، بشار البرماوي وأمجد التميمي، كانا قد اختبرا هذا المركز وطبيباته وأطباءه والعاملين فيه، وفاضا في المديح له، الذي ادرك اليوم انه مديح يحتاج إلى قصيدة.
هناك استقبلني زميل آخر من زملائي، رسام الكاريكاتير في الجريدة محمد سباعنة، وقادني إلى مكتب مديرة المركز الطبي الدكتورة السيدة جمانة جرادات، التي تركت الولايات المتحدة الاميركية خلف ظهرها دون رجعة، لا بقرار النستلوجيا للوطن وإنما بقرار العودة إليه، والاستقرار فيه، لخدمة بنائه المستقبلي، في هذا المكتب دار حديثنا عن العزم الفلسطيني، الذي أكثرمن يجسده هنا رئيس مجلس ادارة الجامعة الدكتور يوسف عصفور، الذي لا يقبل بغير الجديد والمتطور من الأجهزة والتقنيات للمركز الطبي، كي يقدم افضل الخدمات لمراجعيه ولدارسي الطب في الجامعة، ولم يخل حديثنا من ضرورة مواجهة مختلف التحديات التي يفرضها حسن البناء والتقدم، ومن ذلك مواجهة الصعاب المتنوعة التي تعترض هذه المهمة الأخلاقية بالدرجة الأولى، وتتمثل بسلوكيات ماضوية وانفعالية عند البعض في البيئة الثقافية العامة، وهنا أدركت على نحو أعمق أن الأمل بالمستقبل الفلسطيني الحر، هو أمل واقعي تماما، وليس ضربا من ضروب الأحلام والتمنيات الوردية، لطالما نحن قادرون على مواجهة المعضلات وتشخيصها بوضوح وشجاعة، لأن هذه هي طريق الحرية والتقدم والازدهار.
لن أتحدث عن مهنية مركز طب الأسنان، وأجهزته التقنية الحديثة، التي منها أجهزة التصوير الشعاعي، لأنها تحتاج إلى مقالة أخرى، لكن لابد من الاشارة إلى بشاشة وجوه طبيباته وأطبائه، والعاملين فيه، ما يعطي المراجع الباحث عن معالجات ناجحة، راحة نفسية بالغة، وهذه من ضرورات العلاج الناجع، ولهؤلاء جميعا اقول شكرا، واقول هكذا تبنى صروح الدولة التي ننشد ونتطلع، هكذا تماما بلا أية مقدمات بلاغية، ودون اي استعراضات شعبوية، ولطالما اكد الرئيس ابو مازن اننا نبني الدولة مدماكا فوق مدماك، وعلى حجر كما قال شاعرنا الكبير محمود درويش، سنبني دولة العشاق، عشاق الحرية والعدل والحق والسلام، عشاق فلسطين الدولة الحرة المستقلة، بعاصمتها القدس الشرقية.