الجامعة العربية الأمريكية – فلسطين
مركز السياسات ودراسات حل الصراع
المؤتمر السنوي لعام 2020
عصر الشعبوية
موعد المؤتمر: 14 و 15 حزيران
نحن الشعب ...
إن أساس دستور الولايات المتحدة الأمريكية يتجسد في الكلمات الثلاث المذكورة أعلاه وهو يلخص جوهر العصر الحديث. لم يعد موضوع السكان في العصر الحديث يُنظر إليهم كتوابع يقعون تحت حكم السيادة، بل كوكلاء يتم حكمهم بسلطة شرعية منتخبة تعمل على تمثيل احتياجات "غالبية" مواطني الدولة الحديثة.
ومن تلك اللحظة، تم عمل دراسات تجريبية على المجموعة التي تأتي بأحجام وأشكال مختلفة من خلال منظورات مختلفة، وتم الاعتراف بها كقوة لها القدرة على التأثير على البيئة السياسية.
في عام 1895، قام جوستاف لي بون بكتابة كتابه "الحشد: دراسة للعقل الشعبي" وهي عبارة عن دراسة لعلم النفس الاجتماعي على المجموعات الكبيرة، وفيها أكد على على فكرة أن العصر الحديث الجديد هو "عصر المجموعة". وفي كتابه، حذر لي بون من أعمال الجماهير ونقاشاتهم والتي من شأنها أن تُفقد الأفراد المنطق والعقلانية وبالتالي التصرف ببربرية وهمجية.
وفي نفس السياق، فإن الكاتب الكسيز دي توكيفيل في كتابه "الديمقراطية في أمريكا" يحذر من "سيطرة الأغلبية" والتهديد الذي من الممكن أن تسببه الأغلبية على الطبيعة الديمقراطية في الولاية في حال تم استخدام أصواتهم للحرمان والتمييز ضد المجموعات الأقلية. إن ما يمكن النظر إليه على أنه تدفق في النظام الديمقراطي يتم تسليط الضوء عليه في أعمال كارل سميت (2004) الذي يعترف بالتعقيد في النظام والذي يسمح ل 51% (الأغلبية) بتقرير مصير ال 49% الأخرى من الشعب.
واليوم مع ظهور الآراء الشعبية، فإن العديد من المثقفين ليس فقط في الدول "النامية" بل وأيضاُ في "الغرب" يتم حثهم على إعادة النظر في مفهوم الشعبوية بهدف تطوير إطار نظري لفهم "الشعبية" كمفهوم اجتماعي. فكيف لنا أن نميز، أم هل علينا فعلاٌ التمييز بين الحركة الشعبية التي تطمح إلى الانفصال من قيود الاستبداد والعبودية وبين الحركة المستوحاة من الاستبدادية والآراءالاستقصائية؟
في الدول النامية، فإن الحركات الشعبية مثل التي شهدها الربيع العربي تطمح للإطاحة بأنظمة الحكم: الأنظمة التي من وجهة نظر المواطنين انتهت صلاحيتها، وأنها أنظمة سلطوية وغير ديمقراطية. ففي هذه الحالة، فإن الشعب يتصرف بعكس الحزب الحاكم، ونتيجة لذلك فإنهم في كثير من الحالات يدفعون الثمن غالياُ لمثل هذه المعارضة.
ومن ناحية أخرى، إن العديد من الحركات الشعبية الجديدة والمستجدة في الغرب قد انتشرت نتيجة لظهور قادة شعبيين يستفيدون من الدوافع غير المنطقية التي تبنى على الخوف من الآخر والإقصاء والعنصرية. وفي مثل هذه الحالات، فإن وجهات النظر العنصرية الموجودة في كل مجتمع يتم تشجيعها ودعمها من القائد أو الزعيم الذي يغذي مثل هذه الآراء. ونتيجة لذلك، فقد شهد الغرب طفرة في القادة الشعبيين الذين يتم دعمهم وتمكينهم من قبل قواعدهم الشعبية.
وعلى ضوء عصر العولمة والمستنبط من السوق الاقتصادي العالمي الذي يسعى للتخفيف من التباين الاقتصادي بين الأغنياء والفقراء، فإنه يجب التحقيق في الرغبة والميل للانسحاب من المجتمع الدولي والنظر للآخرين بعين الشك. وبدلاً من إعادة تقييم النظام الرأسمالي الليبرالي الذي يحكم العالم أجمع، فإن الآراء الشعبية تسعى إلى إلقاء اللوم على "الآخر" في تدهور مستويات المعيشة في العالم ككل.
وبالنظر لهذه التطورات، فإن المؤتمر السنوي لمركز السياسات ودراسات حل الصراع في الجامعة العربية الأمريكية سيعمل على محاولة وضع مفهوم "الشعبوية" في سياق تطورات اليوم.
ولهذا، فنحن ندعو العلماء والمثقفين للمشاركة في وضع نظريات لمفهوم "الشعبوية" لوضعه ضمن السياق كمفهوم للتحليل. كما نحثهم على إعادة النظر في المصطلح نفسه وتقييم ما إذا كان ينبغي إعادة النظر في استخدام المصطلح.